الإسلام والغرب تكامل أم تنافر؟
يحاول كتاب "الإسلام والغرب" التركيز على الدور الحاسم الذي لعبته
الجزائر في فكر الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا، وتسليط ضوء جديد على تفسير
دريدا للاعتماد المتبادل في السياسة والدين والإيمان.
ويُظهر الكتاب أن نموذج دريدا عن "الديمقراطية الآتية" يمتلك بُعداً
عالمياً. ويبيّن كذلك أن دريدا نظر إلى العربي والمسلم باعتبارهما من
المهمشين والمستبعدين في مرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر.
ويقدم الكتاب وفق صحيفة "الحياة" اللندنية عرضاً تفصيلياً للحوار الذي
دار في "معهد العالم العربي" في باريس، ربيع عام 2003، بين دريدا الجزائري
المنشأ والبروفسور الجزائري مصطفى شريف، أستاذ الفلسفة في "جامعة الجزائر"
والأستاذ الزائر في "كوليج دو فرانس" في باريس، وكان موضوع النقاش هو
التوتر المتزايد في العلاقة بين الإسلام والغرب، وما يتصل به من أسئلة تدور
حول معاني الحرية والعدالة والديمقراطية.
وقد ظهر كتاب "الإسلام والغرب - حوار مع دريدا" بترجمة من تريسا لافندر
فاغان، وصدر عن منشورات جامعة شيكاغو الأميركية هذه السنة. وفي الكتاب،
يروي البروفسور شريف وقائع ذلك الحوار، الذي جمع بين شخصيتين "متناقضتين"
لا يجمعهما سوى حبهما للجزائر.
إذ اشتهر دريدا عالمياً بتمرده وخروجه على المؤسسات وقيمها ونُظُمها التي
لم يرَ فيها كلها سوى هيمنة هائلة للنظام الاجتماعي والقوى المهيمنة فيه.
وعلى عكسه، تأقلم البروفسور شريف دوماً مع المؤسسات التي سعى إلى تغييرها.
وبعد فترة من النشاط السياسي المباشر، عمل الشريف طويلاً في المؤسسات
الأكاديمية في بلاده.
وكان المفكر الإسلامي الوحيد تاريخياً الذي استدعاه الفاتيكان ليناقش
البابا في مقره وجهاً لوجه. حدث ذلك بعد أن ألقى البابا بنديكتوس السادس
عشر خطابه الشهير في مدينة راثيسبورن الألمانية، التي حمل فيها على الدين
الإسلامي ووصفه بأنه متأصل في العنف.
وفي استعادته للنقاش الذي دار في "معهد العالم العربي" مع دريدا، يذكر
شريف أن الإسلام كان يحمل ظلالاً لها خصوصية بالنسبة إلى المفكر الفرنسي.
انطلق الرجلان لتناول أسئلة أوسع عن العلمانية والديموقراطية والسياسة
والدين، والطرق التي تتلاعب بها السياسات. كما تناولا السمات المتشابهة
والمتوازية في ظاهرتي كراهية الأجانب "زينوفوبيا" في الغرب، والحماسة
الأصولية في البلدان الإسلامية.
وكأفق عام، شكلت المناقشة محاولة لتمزيق مفهوم سائد يقول إن الإسلام والغرب هما حضارتان محكومتان بالصراع من أجل التفوق.
أيضا حاولت المناقشة رسم نظرة إلى الإسلام والغرب باعتبارهما شاطئين في
البحر المتوسط، بمعنى أنهما ينتميان الى الدائرة الجغرافية والدينية
والثقافية عينها.