تمهيد:
انطلق الدارسون من فكرة جوهرية مفادها أنه من الضروري أن تزاح مختلف الحجب التي تتميز بها المجتمعات الشرقية عموما وآدابها بصفة خاصة وقد وجد دارسو التراث الشرقي صعوبة في جمعه ودراسته لأنه ينتمي إلى حقب تاريخية قديمة كما أنه كتب بخطوط مختلفة وبطرق يصعب في بعض الأحيان فك شفراتها، ويزداد الأمر صعوبة عندما يتعلق بالنصوص الأدبية حيث أن الإنسان الشرقي القديم كان يعول على ذاكرته في نقل وحفظ موروثه، ومع مرور الزمن وتطور وسائل الحفظ والتثبيت تمكن الدارسون من جمع هذا التراث وتصنيفه ونقله إلى الآخرين.
مفهوم الأدب الشرقي:
يعتبر الشرق ثروة فكرية وممارسة طقوسية نوعية ومتميزة يزخر بثقافات متراكمة عبر العصور تعاقبت عليه حضارات لها جذور عميقة وامتدادات لايمكن تجاوزها ومن هذا المنطلق كان الشرق مصدر إلهام للعديد من الممارسات الثقافية والإبداعية التي جاءت لاحقا.
وإذا أردنا أن نعطي مفهوما عاما لما أنتج أدبيا في هذا الجزء من الكرة الأرضية فإنه يمكن القول باختصار نقصد بالأدب الشرقي :" تلك النصوص الأدبية المتميزة التي أنتجها الإنسان في هذا الجزء من المعمورة وعبر من خلالها عن آماله وآلامه وأودع فيها كل قيمة الروحية والجمالية".
بدايات الآداب الشرقية القديمة
يصعب تحديد هذه البدايات لغياب التدوين وصعوبة فك شفرات النقوش والآثار ولكن مع ذلك حاول المهتمون بجمع هذا التراث التعريف بالارهاصات(البواكير أو البدايات) الأولى.
ويذهب الكثير من أدباء الآثار إلى اعتبار نص الطوفان من أقدم النصوص التي تركها الإنسان الشرقي القديم.
وقد وجدت في منطقة كنديا كما أنتج السومريون نصوصا أدبية وأنتجت شوب أخرى في الشرق الأوسط أنواعا من الأدب منها: الآشريون ، الكنغانيون/ البابليون، والعبرانيون) تمحوروا في العراق والأردن وفلسطين وتشمل نصوصهم دعوات وصلوات وترنيماتت وقواعد الزراعة وحوادث السياسةومبادئ التنجيم.
ومن أقدم الآداب الشرقية القديمة الأدب المصري الذي دون على الآثار وأوراق البردى وأقدم كتاب مصري هو " كتاب الموتى" وفيه دعوات للآلهة وأناشيد وصلوات ووصف لما تلاقيه أرواح الموتى في العالم الآخر من حساب يتبعه عقاب أو ثواب، كانت توضع نسخة من هذا الكتاب مع جثمان الميت في قبره ليكون دليلا للروح يهديها في رحلتها إلى العالم الآخر إلى جانب هذا الأدب الديني أنتج المصريون أدبا يمجد الملوك وآخر يروي ما يدور بين الناس من قصص وأساطير وحكم، ومثال ذلك كتاب" الوصايا" لحوتب.
ومن أشهر الأساطير المصرية القديمة أساطسر " أزيس وأوزورس" التي انتقلت إلى اليونان ثم الرومان، كانت علاقة المصرين بغيرهم علاقة قوية إما بالحرب أو بواسطة التجارة أو البعثات التي تأتي إلى مصر لدراسة حضارتها وعلموها وفنونها، وقد حاول هؤلاء نقل هذه المعارف إلى بلدانهم وكان تأثير الأدب عميق في الأمم المجاورة إما بطريقة مباشرة كتأثر العبرانيين واليونانيين بالمصرين أو غير مباشرة كتأثر الآداب الأخرى بالعبرية واليونانية